المشتاق الي الجنان مراد الطلاع
--------------------------------------------------------------------------------
بخطى المجد والأصالة يترجل العظماء
الشهيد المجاهد مراد إبراهيم الطلاع .. فارس بألف .. ومقدام على درب السلف
مهما تحدثنا عنكم أيها الشهداء فلن نوفيكم ولو جزءاً بسيطا من حقكم ,فدمكم سيبقى شاهدا على الظلم والمهانة , ومهما عانينا ومهما كابدنا ستبقون أنتم شعلة الأمل الذي يُعيد لقلوبنا شأنا ولو حتى بسيطا من مجدنا المغيب ,مجد حضارة وأصالة ديننا الحنيف وعروبتنا الأصيلة والعريقة .
الميلاد والنشأة
في غزة الصمود والتحدي وبالتحديد في الثاني عشر من شهر أغسطس لعام 1979 م كان التاريخ يسجل ميلاد فارس همام اسمه " مراد إبراهيم سلامة الطلاع " لأسرة محافظة كريمة تعرف واجبها نحو دينها كما تعرف واجبها نحو وطنها ، وكما كل أحرار فلسطين لم تتمكن تلك الأسرة من العيش في مسقط رأسها بمدينة بئر السبع المحتلة حالها حال المئات بل الألوف من الأسر الفلسطينية ، حيث هجرت من أرضها قصرا عام 48 ليستقر المقام بها في معسكر النصيرات للاجئين .
نشأ شهيدنا مراد وسط أسرته المكونة من والديه وخمسة من الأبناء, أربعة من الذكور حيث كان ترتيبه الثالث بينهم ، بالإضافة إلى أخت واحدة .
درس شهيدنا الفارس " أبو بلال " المرحلتين الإبتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث بمعسكر النصيرات ، ومن ثم حصل على شهادة الثانوية العامة من مدرسة خالد بن الوليد الثانوية ( الفرع الأدبي ) ، ليلتحق بعد ذلك بمدرسة الصناعة التابعة لوكالة الغوث بمدينة غزة.
انضم شهيدنا الفارس لقوات الأمن الوطني عام 1996م حيث كان يعمل بها حتى استشهاده رحمه الله, وكان إلى جانب عمله يواصل تعليمه الجامعي حيث التحق بالدراسة في جامعة القدس المفتوحة ـ تخصص تربية إسلامية ,و كان من المواظبين على الدروس والمحاضرات في أوقات فراغه وعدم انشغال وقته في عمله ,ليضرب أروع الصور في الجد والمثابرة .
محبًا محبوباً
نشأ شهيدنا المجاهد " مراد الطلاع " نشأة ملتزمة ، وتربى في المساجد بين حلقات الذكر والقرآن حيث كان يرحمه الله حريصاً على الصلوات الخمس في مسجد الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي ، وكان مداوماً على صلاة الفجر.
ارتبط شهيدنا الفارس " مراد الطلاع " بعلاقات طيبة مع الجميع ، لا سيما وهو الذي تميز بدماثة خلقه ، وأدبه المتفرد ، وصفاته الحميدة ، قكان مثال الشاب المتواضع ، الهادئ الصبور والمتسامح .
و كان " مراد " محبوبا من الجميع يوزع ابتساماته عليهم ، ممازحاً لهم ويتمتع بروح مرحة ودعابة طريفة تعلق بها كل من عرفه.
كما وكان شهيدنا مراد باراً بوالديه مطيعاً لهم فيما يأمرانه فلا يعصي لهما أمراً ، وكان رحمه الله واصلاً للرحم ، وحافظاً للقرابة ، محباً لزيارة إخوانه .
وكان شهيدنا المجاهد " مراد الطلاع " دائم البحث عن وجوه الخير أياً كانت ، فكان رحمه الله من أهل الصدقة والصيام والذكر وصلاة النافلة والقيام .
مشواره الجهادي
مع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة ، قرر مراد الالتحاق بركب جيل العقيدة ، ليحمل في قلبه بذور الإيمان والوعي والثورة بذور حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين التي عمل فيها بتفان وإخلاص في سبيل الله لإعلاء كلمته الطاهرة ..
ونظرا لتميزه وصدقه وحب الناس له ومواظبته على الطاعات اختير شهيدنا المجاهد ليكون ضمن صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فكان مثالاً للجندي المجهول ، حيث عمل بلا كلل ولا ملل ، ليصبح من بعد ذلك قائداً ميدانياً ومسئولاً لوحدات المرابطين في منطقته.
أحد قادة سرايا القدس يتحدث عن مراد قائلا" لقد كان مراد صاحب مشوار حافل بالكثير من المحطات الجهادية المشرقة والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : تفجير عبوة ناسفة في جيب عسكري شرق مخيم البريج ,ومشاركته في زرع عدد من العبوات الناسفة والتي استهدفت رتلاً عسكرياً صهيونياً بمنطقة جحر الديك ، حيث ارتقى في هذه العملية الشهيد المجاهد / محمد شاهين ,هذا علاوة عن رباطه الدائم على ثغور ومفترقات المنطقة الوسطى حيث كان " أبو بلال " يحرص على ذلك بشكل يومي مستمر .. ليستحق بحق لقب أسد المرابطين" .
أحد أصدقاء الشهيد ورفاق دربه يقول عنه " لقد كان مراد بحق فارسا مميزا , حيث كان مقدما غير مدبر ,اذكر يوم إصابته على يد قناصة الاحتلال في اجتياح معسكر النصيرات الأخير ، حيث أصيب إصابة طفيفة في قدمه"
وتابع رفيقه قائلا :" الإصابة التي أُصيب بها لم تثنه عن إقدامه وبسالته حيث تضاعفت جهوده في العمليات الجهادية ليدلل على صدق انتماءه لدينه ووطنه ".
الباحث عن الشهادة
كان شهيدنا " مراد " شغوفاً بالشهادة ، دائم البحث والحديث عنها ، وملحاً في طلبها ، مردداً دعاءه أن يرزقه الله إياها، وقد تأثررحمه الله كثيراً بعد استشهاد أخيه ورفيق دربه في الجهاد والمقاومة " سالم أبو زبيدة " حيث لوحظ عليه زهده في الدنيا وتوجهه نحو الآخرة في كل أقواله وأفعاله , كانت أسمى أمنية لشهيدنا القائد أن يرتقي شهيداً في عملية استشهادية لكن الله لم يقدر له ذلك .
قبل أيام من استشهاده اخبر بعض إخوانه أنه يحس باقتراب لقائه بالله عز وجل حتى أنه قال " لم يبق إلا القليل القليل وسيصطفيني الله شهيداً ".
في الدقائق الأخيرة قبل إصابته ملك الذكر وترديد الشهادتين على " مراد " كل جوارحه ، فلم يردد غيرها ، وأكرمه الله بنطق الشهادتين بعد إصابته وقبل استشهاده .. ليكون ذلك آخر عهده بهذه الدنيا الفانية .
وترجل الفارس
ربما يكون قدر الفلسطيني أن يدفع دائماً دمه ثمناً ، حتى ولو أخطأته رصاصات الاحتلال .. فبعد عصر الخميس الفاتح من شهر شباط لعام 2007م الموافق الثالث عشر من محرم لعام 1428هـ كان مراد عائدا ً من زيارة لأحد إخوانه في مخيم المغازي لتندلع الاشتباكات بين الأخوة الفرقاء من أبناء هذا الشعب الواحد ، لتعاجله عدة رصاصات غادرة ارتقي على إثرها شهيداً بعد أن صلى العصر في جماعة بمسجد الشهيد فتحي الشقاقي.
وهكذا .. سكن هذا الجسد العظيم الذي طالما صال وجال في ميادين الرباط والجهاد .. وهدأت الأنفاس الطيبة التي ما حملت بداخلها حقداً على أحد في يوم من الأيام .. رحل ذلك القلب الكبير الذي تزين بالإخلاص في سبيل الله .. رحم الله شهيدنا الفارس وأسكنه فسيح جناته ...